الأربعاء، 10 فبراير 2010

بحث في مادة / مدخل إلى الثقافة الإسلامية _للدكتور / عبد الله الأوصيف

مقدمة

إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلي الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا

أما بعد :-

فإن للثقافة الإسلامية دوراً عظيم الأهمية بالغ الأثر في تحديد معالم الشخصية الإسلامية لدي الفرد ولدي المجتمع تلك الشخصية التي تتسم بسمات القوة والهيبة والمجد والرفعة والنبل والكرامة والاتزان والايجابية وتؤهل المسلم لأن يقوم بدوره في تشيد بناء الحضارة الإنسانية وتعينه على الإسهام في النهضة العلمية والتقنية ذلك لأن مهمة المسلم في الاصلاح والتهذيب و التربية والتعليم تجعله في مقام السيادة والريادة والإمامة والقيادة لسائر أمم العالم وشعوب الأرض وتحمله رسالة الله إلي البشرية .

انطلاقاً من هنا آثرت أن يكون بحثي عن علم الثقافة الإسلامية ، والذي يتكون من ثلاثة مباحث

المبحث الأول ويتكون من ثلاثة مطالب

المطلب الأول ويتناول كلمة الثقافة واستعمالها في اللغة العربية

المطلب الثاني : يتناول المعني المراد من مصطلح الثقافة باعتباره مصطلحاً عاماً من مصطلحات العلوم الإنسانية

أما المطلب الثالث : فيتناول تعريف الثقافة الإسلامية المختار لأنه بناء على هذا التعريف تكون ( الثقافة الإسلامية ) علماً مستقلاً مميزاً عن غيره

المبحث الثاني فيتناول الفرق بين علم ( الثقافة الإسلامية ) والعلوم الأخرى

المبحث الثالث : فيتناول موضوعات علم الثقافة الإسلامية

المبحث الأول

المطلب الأول

تعريف الثقافة :

استعمل العرب كلمة ( الثقافة ) للدلالة على معان متعددة منها :

الحذق ، ومنها الفطنة والذكاء ، ومنها سرعة التعلم والضبط ، ومنها الظفر بالشيء والتغلب عليه ، والتقويم والتهذيب ، تسوية المعوج من الأشياء كالرماح والسيوف يقال ثقف الشيء ثقفاً وثقافاً إذا حذقة

ورجل ثقف إذا كان ضابطاً لما يحويه قائماً به [1] وقد جاءت كلمة الثقافة في القرآن الكريم

أ‌) قال تعالي ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) [2]

يقول الإمام البغوي في تفسير هذه الآية : وأصل الثقافة الحذق والتبصر لأمور ومعناه اقتلوهم حيث بصرتم فقاتلتهم وتمكنتم من قتلهم[3]

ب)قال تعالى(فإماتثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم )[4]يقول القرطبي في ذلك ومعني ثقفتموهم أي تأسرهم وتجعلهم في ثقاف أو تلقاهم بحال ضعف يقال ثقفه أثقفه ثقفاً أي وجدته وفلان ثقف أي سريع الوجود لما يطلبه )[5]

المطلب الثاني

الثقافة في الاصطلاح

لم نجد عند علماء اللغة العربية والإسلام في الماضي مفهوماً اصطلاحيا للثقافة وقد يرجع السبب في ذلك إلي أن هذه الكلمة لم تكن شائعة الاستعمال في أيامهم فلم نجد العلماء أو الباحثين ينعتون بها .

كما أنهم لم يتناولوها بدراسة مستقلة أو مميزة وحيث دخلت الثقافة الإسلامية كعلم في حياة المسلمين المعاصرة أنتشر التعبير بهذه الكلمة فأصبحنا نصف فلاناً بأنه مثقف أو واسع الثقافة وأصبحت لدينا وزارة الثقافة التي تتميز عن وزارة التربية والتعليم وكذلك أصبح يعقد المؤتمرات الثقافية والموسعات الثقافية [6].

وعلى هذا جاء تعريف الثقافة بالمعني الاصطلاحي تعريفاً حديثاً فعلي سبيل المثال

عرف المجمع اللغوي الثقافة بأنها جملة العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق بها [7]

وعرفها بعض التربويين بأنها مجموعة من الأفكار والمثل والمعتقدات والتقاليد والعادات والمهارات وطرق التفكير وأساليب الحياة والنظام الأسري وتراث الماضي بقصصه ورواياته وأساطيره وأبطاله ووسائل الاتصال والانتقال وطبيعة المؤسسات الاجتماعية في المجتمع الواحد [8]

أما عند العرب فقد أهتم علماء التربية بتحديد المعني الاصطلاحي للثقافة بصور تتقارب في الأفكار والمعاني وتتفاوت في الألفاظ والصياغات فمن ذلك يقول (هنري لاوست ) إن الثقافة هي مجموعة من الأفكار والعادات المورثة التي تتكون منها مبدأ خلقي لأمة ما يؤمن أصحابه بصحتها وتنشأ منها عقلية خاصة بتلك الأمة تميزها عما سواها

وعرف (أرنش باركر ) الثقافة فقال ذخيرة مشتركة لأمة من الأمم تجمعت لها وانتقلت من جيل لأخر من خلال تاريخ طويل وتغلب عليها بوجه عام عقيدة دينية وهي جزء من تلك الذخيرة المشتركة من الأفكار والمشاعر واللغة

وعرف (ادوارد تايلور) الثقافة بأنها هي الكل المركب الذي يتضمن المعارف والعقائد والفنون والخلاق والقوانين [9]

المطلب الثالث :

تعريف وما هية الثقافة الإسلامية :

تعتبر الثقافة الإسلامية علماً مركباً ولقبا للدلالة على علم معين وهو مركب إضافي[10] من كلمتين هما (الثقافة) و(الإسلام ) ونحاول إيجاد تعريف لهذا العلم المركب الموضوع للدلالة على علم خاص فهل أضيف شيء جديد لكلمة الثقافة ؟

لا شك أن إضافة كلمة الإسلام لها دلالة جديدة ومعطيات معينة وانتماء معين ومن الجدير بالذكر أن العلماء القدامى لم يهتموا ببيان رسم الثقافة الإسلامية باعتبارها لقباً كما اهتم به فقهاء وعلماء الثقافة الإسلامية في العصر الحديث خاصة أن مسائل ومباحث الثقافة الإسلامية لم تجمع في كتاب بعينه وكل ما كتب عنها هو عبارة عن مقتطفات ذكروها في ثنايا كتبهم

وقد عرفت الثقافة الإسلامية بتعريفات متعددة وهذ يرجع الى عدة اسباب هي كالاتي :

*أن كلمة الثقافه ذات أبعاد كبيرة ودلالات واسعه

*أن كلمة الثقافه من الالفاظ المعنويه التي يصعب تحديدها

*أن كلمة الثقافه مصطلح حديث

*كذالك تعدد إجتهدات العلماء والمفكرين حول هذا المصطلح

وسأذكرتعرفين للثقافه الإسلامية أرى أنها الاقرب والاصوب

عرفت بأنها :

العلم بمنهج الإسلام الشمولي في الفكر والنظم والقيم ونقد التراث الإنساني من خلالها [11]

كما عرفت بأنها : علم كليات الإسلام في نظم الحياة كلها بترابطها [12]

محترزات التعريف:

علم : يخرج به المفهوم العام للثقافة الذي يعني النشاط العلمي الأدبي والفني وغيره

كليات الإسلام : أي أصوله ومقوماته في جميع نظمه فيخرج به فروع الإسلام في أنظمة متعددة لأن هذه شأن العلوم الشخصية كالعقيدة في النظام العقدي والعبادات والمعاملات في الفقه

نظم الحياة : شمول لسائر نظم الحياة البشرية والتي من أبرزها العقيدة العبادة الدعوة الحسنة الأخلاق الاجتماع السياسة الاقتصاد العلم والمعرفة

كلها : تخرج به العلوم الشرعية المتخصصة بنظام واحد أو بعض تلك النظم حيث تدرس أصول هذا النظام وفروعه كعلم الفقه مثلاً

بترابطها : تخرج به البحوث الموسوعية التي تجمع العلوم الإسلامية في المؤلف واحد لكن انفصالها واستقلالها الشخصي [13]

وبناء على هذا المعني تكون الثقافة الإسلامية علماً مستقلاً متميزاً عن غيره من العلوم الإسلامية الأخرى فهذا علم جديد له موضوعاته الخاصة وأسلوبه الخاص وكتابه الخصوصيون جاء ميلاده وظهوره إثر التحديات المعاصرة للإسلام والمسلمين وهو أيضا علم يعني بدراسة عناصر الإسلام وجوانبه المتعددة دراسة شاملة مع العناية بالارتباط الحيوي والتأثير المتبادل بين تلك الجوانب ولعل هذا التعريف الاخيرهو أفضل تلك التعريفات واقربها إلي الصواب لاشتماله على موضوعات الثقافةالإسلامية الرئيسية ولأنه تعريف كلي وليس تعريفاً جزئياً .

المبحث الثاني

الفرق بين الثقافة الإسلامية والعلوم الأخرى

إذا أردنا أن نفرق بين الثقافة اٌلإسلامية والعلوم فيحسن بنا أن نعرف العلم لغة واصطلاحاً

العلم لغة : علم الرجل علماً إذا حصل له حقيقة العلم وعلم بالشيء عرفه واعلمه الامر أطلقة عليه

العلم اصطلاحاً : المعرفة التي تؤخذ عن طريق الملاحظة والتجربة والاستنتاج كعلم الطبيعة والكيمياء وسائر العلوم التجريبية[14]

فإذا أردنا أن نعقد مقارنة ما بين العلم والثقافة فإننا نجد أنهما يتماثلان بوصفهما معرفة ويفترقان في :

1-أن العلم عالمي لا وطن له ولا أم فلا تختص به أمه من الأمم دون الأخرى وإنما هو مشترك بين جميع الأمم أما الثقافة فهي خاصة بأمة معينة

2- أن العلم يؤخذ أخذاً عالمياً دون قيود لأنه محصلة إسهام الأمم كلها خلافاً للثقافة التي لا يجوز أخذها من الأمم الأخرى

3- أن العلم معرفي أكثر من أنه عملي في حين أن الثقافة سلوك أكثر من أنها معرفة فهي علم وعمل وفكر وسلوك في وقت واحد .

4- أن العلم جزء من الثقافة لأنه لا يتصف بصفة واحدة مميزة كما هو حال الثقافة التي هي أعم وأشمل

إن الذي تعلم معرفة تتعلق بعلم من العلوم مثل هندسة أو رياضيات أو كيمياء وبرع فيها ليس بالضرورة أن يكون مثقفاً بل أنه قد أدرك جانب من جوانب الثقافة وأغفل جوانب أخري لعدم إدراكه الفرق بين الثقافة والعلم فلا يجوز الخلط بينهما لأن ذلك تصور خاطئ يجعل الثقافة محصورة في فئة محددة من بناء المجتمع مع العلم بأن الثقافة تشمل المجتمع وتعبر عنه في شتي مناحي الحياة [15]

المبحث الثالث :

موضوع الثقافة الإسلامية

يمكن تصنيف موضوعات علم الثقافة الإسلامية في الأمور الأربعة التالية

أولاً : نظم الدين الإسلامي التي من أبرزها

1- نظام العقيدة

2- نظام العبادة

3- نظام الدعوة

4- النظام العلمي

5- النظام الخلقي

6- النظام العائلي

7- النظام الاقتصادي

8- النظام السياسي

هذه النظم يبحثها علم الثقافة الإسلامية من حيث مصادرها وأساسها وخصائصها وأهدافها وآثارها ومسائلها الكبرى أما تفصيلات كل نظام ودقائقه فشأن المتخصصين في هذه النظم

ثانياً : المفاهيم المتعلقة بنظم الإسلام ومنهجه :

أمثال مفاهيم الحرية ، والتسامح الديني ، والتوكل ، العبادة الإسلامية ، السلفية العلم ، التجديد في مجال الدين والموضوعية

هذه المفاهيم يسعي علم الثقافة الإسلامية إلي تأصيلها على أساس من الكتاب والسنة وفهم السلف كما يسعي إلي دفع المفاهيم الخاطئة التي انحرفت ذلك الأصل

ثالثاً: القوي المعادية للإسلام وأهله والتي من أبرزها

الاستشراق والتنصير والماسونية والصهيونية حيث يبحث علم الثقافة الإسلامية شبة هذه القوى حول الإسلام ومناهجها في دوافع تلك الحرب وآثارها وذلك من أجل تلك الشبه ومواجهة تلك الحرب وكشف حقائق تلك القوى وضررها على الإسلام والمسلمين وسبل وقايتهم منها .

رابعاً :

المذاهب والنظريات الحديثة ومن أبرز تلك المذهب

الرأسمالية والاشتراكية وبعض الأديان القائمة وأما النظريات فمن أبرزها العلمانية والتطورية والوجودية والفرويدية والوضعية حيث يسعي علم الثقافة الإسلامية إلي بيان ما يتفق من تلك المذاهب والنظريات مع الإسلام وما يختلف معه كما يسعي إلي نقد مبادئها الفاسدة وإثبات إخفاقها في الواقع البشري مقابل نجاح مبادئ الإسلام في تحقيق السعادة والأمن والاستقرار

وهذه الموضوعات الأربعة مرتبطة فيما بينها ووجه الارتباط أن تلك القوي والمذاهب تسعي إلى زحزحة الإسلام ومنهجه عن حياة التابعين له ووقف حده عن من لم تصلهم دعوته بما تثيره من شبه حوله أو ما تقدمه من نظم بديله ومن ثم كان مقتضي بحث أصول الإسلام في نظم الحياة البشرية بيان بطلان تلك النظم المقابلة خاصة وأن الاختلاف في تلك الأصول بين الإسلام وبينهما عظيم جداً[16]

الخاتمة :

توصلت في هذا البحث إلي النتائج التالية :

1- اختلف الباحثون المعاصرون في تعريف الثقافة الإسلامية لكن رجحت أن تعريف الثقافة الإسلامية هو ( علم كليات الإسلام في نظم الحياة كلها بترابطها ، ) وبهذا التعريف تكون الثقافة الإسلامية علماً مستقلاً

2- أن الثقافة ليست مرادفة للعلم في معناها حيث يقصد الثقافة على فئة من أبناء المجتمع دون فئة أخري في حين أنها تشمل المجتمع كله وتعبر عنه

3- يمكن تصنيف موضوعات علم الثقافة الإسلامية في الأمور الاربعة التالية:

# نظم الدين الإسلامي

#المفاهيم المتعلقة بنظم الإسلام

#القوي المعادية للإسلام

#المذاهب والنظريات الحديثة

هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلي الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم

المراجع :

1- مدخل إلي علم الثقافة الإسلامية ،د عبد الرحمن الزنيدي

2- أضواء على الثقافة الإسلامية ،د نادية شريف العمري مؤسسة الرسالة بيروت ، الطبعة الأولي 1401هـ

3- مقدمات في الثقافة الإسلامية : د مفرح بن سليمان القوسي الطبعة الثالثة الرياض 1424 هـ

4- دراسات في الثقافة الإسلامية لصالح ذياب هندي طبعة أولى 1980 م

5- مقدمة في الثقافة الإسلامية دراسة تاصيلية د/ عبد الرحمن أبو عامر عبد السلام مكتبة الرشد الرياض 1425هـ

6- الوافي في الثقافة الإسلامية د/ مصلح بن عبد الحي نجار مكتبة الرشد الرياض ،1427 هـ




[1] ابن منظور لسان العرب (9/19) الفيروز ابادي ( القاموس المحيط ) 1027

[2] سورة البقرة (191)

[3] البغوي معالم التنزيل (1\213)

[4] سورة الانفال (57)

[5] القرطبي الجامع لاحكام القراءن (4/8/21)

[6] دراسات في الثقافة الاسلامية الأشقر وأخرون (8) مقدمات في الثقافة الاسلامية (36)

[7] المرجع السابق (8)

[8] نقلاً من الاشقر : دراسات في الثقافة الإسلامية

[9] أنظر كتاب ركائز علم الاجتماع ص162

[10] المركب الإضافي : كل اسمين نزل ثانيهما منزلة التنوين مما قبله مثل عبد الله وابي قحافة أنظر : فتح السالك إلي ألفية أبن مالك (1/134)

[11] تعريف عبد الرحمن أبو عامر في كتابه مقدمة الثقافة الإسلامية ص29

[12] مدخل الثقافة الإسلامية د/ عبد الرحمن الزيني ص2-3

[13] مدخل الى علم الثقافة الإسلامية :د عبد الرحمن الزيني (3-3)

[14] نحو فلسفة عربية للتربية د عبد الغني النوري ص 53

[15] دراسات في الثقافة الإسلامية لصالح ذياب هندي ص 19

[16] مدخل إلي علم الثقافة الاسلامية عبد الرحمن الزنيدي ص 13-15

أوراق عمل مقدمة للدكتور /عبد الله العويسي

http://thgafh.files.wordpress.com/2010/01/d8a7d984d8aad984d8aed98ad8b5-7.pdf

الثلاثاء، 9 فبراير 2010

ثقافة الطفل المسلم - مادة المثقف والمجتع/ للدكتور ناصر التويم

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه

أما بعد :

فقد اهتم الإسلام بالطفل اهتماماً شديداً,وعني عناية خاصة فشرع أحكاماً تحمي الجنين في بطن أمه حتى يخرج إلى الحياة قوياً,مكتمل البنية سوي القامة ,فاهتم الإنسان بجميع جوانب الطفل وخص بالاهتمام ثقافته وأولها عناية شديدة وذلك لبناء شخصية راشدة ومتكاملة ,ومهيأة لحمل أمانة الخلافة في الأرض وممارسة الإسلام معتقدا ًوفكرا ًوعبادةً , فالاهتمام بتثقيف الطفل كفيل بأن ينشئ جيلا ًواعياً يقود الأمة وينمو معبأ نحو التقدم والازدهار.

ولعل هذا من أهم أسباب اختياري لموضوع (ثقافة الطفل المسلم )لأتمكن من تعليمها لأبنائي ,كي أنشئ جيلاً صالحاً واعياً بإذن الله .

وقد جاءت خطة البحث كما يأتي :

1- المقدمة

2- تمهيد وفيه ثلاثة مطالب :

المطلب الأول : تعريف الثقافة.

المطلب الثاني : الطفل .

المطلب الثالث : الأسرة.

3- المبحث الأول : مفهوم ثقافة الطفل المسلم .

4- المبحث الثاني : أهداف ثقافة الطفل المسلم .

5- المبحث الثالث : الضوابط التي يلزم مراعاتها في عملية التثقيف .

6- المبحث الرابع :أساسيات ثقافة الطفل المسلم

7- الخاتمة

8- الفهارس : وتشتمل فهرس الآيات القرانية ,فهرس الأحاديث النبوية فهرس المصادر والمراجع ,فهرس الموضوعات.

منهجي في البحث :

أ‌- حرصت على توثيق المعلومة من مصدرها.

ب‌- عزو الآيات وتخريج الأحاديث.

ت‌- إذا الكلام عاريا من الإحالة إلى الحاشية فإن الكلام مني.

ث‌- وضعت الأقوال التي نقلتها بلفظها عن قائليها بين قوسين وضعت عبارة" انظر" قبل اسم المرجع فيما نقلته بمعناه

ج‌- اعتنيت بالفهارس

وختاماً أ توجه بالشكر الجزيل بعد شكر الله تعالى للدكتور الفاضل / ناصر التويم "المشرف على هذا البحث " سائلة المولى عزوجل أن يحسن له المثوبة والأجر .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ’’’

المطلب الأول

تعريف الثقافة :

يرجع اشتقاق كلمة ثقافة من (ثقف)الثاء والقاف والفاء,وهو إقامة درء الشيء[1] وتستعمل في معاني كثيرة منها :

1- الحِذْق ,والخفة ,و الفطْنة ,والفَهْم ,يقال ثقف فلان ثَقْفا وَثقَفا وثقافة :صار حَاذَقاً ,خفيفاً ,فطِناً ,فهما.ً[2]

2- وبمعنى الظفر والإدراك ,وسرعة الأخذ والتعلم ,نحو قوله تعالى ((فإما تثقفنهم في الحرب ) [3]أي : إن تظفر بهم في الحرب ’ونحو طلبناه وثقفناه في مكان الحذق ,أي :أدركناه ونحو ثقفت العلم أو الصناعة في أقصى مدة أي إذا أسرعت أخذه[4] .

3- وتستعمل مجاز بمعنى التأديب والتهذيب [5].

أيضا ًتستعمل في معان يقرب منها ومصطلح الثقافة المعاصرة تطلق على :

أ‌) إدراك العلم والإلمام بما يحتاج إليه منه مع ضبطه .

ب‌) كذلك يوصف بها الملم بعدد من المعارف والفنون[6] .

المطلب الثاني

تعريف الطفل :

أولاً ) لغة :الطفل بكسر الطاء مع تشديدها : المولود أو الصغير من كل شيء أو الجزء منه عينا كان أو حدثاً[7],فتستعمل لصغير الإنسان والحيوان وللجزء من الجمادات [8].

ثانيا ً) معنى الاصطلاحي لمرحلة لطفولة :

هي المرحلة القابلة للنمو المتكامل في جميع جوانب الإنسان بفضل ما زود به الطفل وهو مولود من قابلية للتغيير ,وقدرة على التعلم ,واستعدادا للانتفاع بخبرات البيئة المحيطة أو القريبة مروراً بأطوار الطفولة الأربعة (الرضاعة ,الحضانة ,التمييز,المراهقة)في نشوء فطري متقدم ,متجه إلى النضج ,وخاضع للتفاعل الحاصل بين مقوماته الطبيعية ,وعوامل التأثير البيئية ,التي تعمل على إعداد الطفل وتأهيله للدور المطلوب في مستقبل الحياة في فترة زمنية تبدأ من الولادة إلى سن التكليف الشرعي [9].

المطلب الثالث

تعريف الأسرة :

معنى الأسرة :يطلق على الدرع الحصينة أو على أهل الرجل وعشيرته وعلى الجماعة التي تربطها أمور مشتركة [10].

وهذه المعاني تلتقي في معنى واحد يجمعها قوة الارتباط

والمعنى الحالي للأسرة :ينصب على الزوج والزوجة والأبناء المباشرين غير المتزوجين[11].

المبحث الأول

مفهوم ثقافة الطفل المسلم

مرحلة الطفولة في الإنسان مرحلة طويلة تحتاج بصفة مستمرة إلى عناية الوالدين ورعاية المجتمع ,فالطفل يولد ساذجا مع فاعليته للتكوين والنماء لكونه يولد مزوداً بالطاقات والقدرات والميول التي تؤهله لتفاعل مع مجتمعه الذي يولد فيه وينشأ على هذه فإنه إذا أحسن إعداده وأتقن بناؤه يمكنه أن يكون الإنسان الصالح النافع في هذه الحياة, و إن المجتمع الذي يولد فيه يعد البوتقة وهو حضين ,ثم يلقنها حين يستطيع التمييز بين الأشياء سقماً وصحة ً, نفعاً وضرراً,ويعود عليها حتى تصبح عقيدته التي يؤمن بها ,وفكره الذي يفسر من خلاله التي ينصهر فيها هذا الكائن الإنساني الناشئ فينمو تدريجيا[12] متأثراً بما يحتويه المجتمع من قيم ومفاهيم تعكس على عقله ووجدانه وسلوكه طابعها وصفاتها قوة ًوضعفاً

وضوحا ًوبهوتا ً,حسب توافر هذه العوامل وقوة تأثيرها , وهذا التفاعل الحادث بين الطفل ومبادئ المجتمع هو حقيقة التثقيف فالطفل لا يتمثل هذه الثقافة في الكبر حتى يمتص أصولها مع لبنه وهو رضيع ,ويتربى عليها الأمور,ومبادئه التي تحكم تصرفاته وسلوكه ,وشعاره الذي يواجه معترك الحياة الشاق,فالثقافة الإسلامية سند الحقيقي في جميع هذه الأمور ,تضئ له الطريق , وتحدد له المعالم ,وترسم له المنهج ولاشك أن مرحلة الطفولة هي أكثر مرونة وقابلية للميل إلى هذا الأمر من بقية مراحل العمر الإنساني , وأكثرها تلقيا وامتزاجاً مع ثقافة المجتمع لكون الطفل يولد جاهلاً بأمور الحياة ,محتاجاً لمعرفتها,قال تعالى (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً)[13]

ومن خلال هذه المرحلة بعمل التثقيف على غرس أجزاء الثقافة ومعطياتها في نفس الطفل تدريجياً[14]وبصورة شاملة ومتكاملة تعمل على صياغة الطفل وفق ما يؤمن به المجتمع من مبادئ وقيم ,وما يرنوا إليه من أهداف وغايات في تفاعل يتم بشكل شعوري مرة وغير شعوري مرة أخرى بين أركان عملية التفاعل الثلاثة:الثقافة والمجتمع والطفل,حتى يصير إنساناً صالحاً للمشاركة في الحياة الثقافية [15]

المبحث الثاني

أهداف ثقافة الطفل وأثرها في جونب النمو

1- أولى الإسلام الإنسان مكانة رفيعة وأهتم فيه بجميع مراحل نموه , وخاصة مرحلة الطفولة لأنه مثابة الأساس لما يليها من مراحل وأعوام ,فاهتم بثقافة الإنسان والطفل وأولهما اهتماماً شديداً,فإذا أدرك الإسلام لمنه وتكريمه عرف حقيقة وجوده و وظيفته التي كلف بهما[16].

2- إن تعليم الأطفال وتثقيفهم والاهتمام بهم وسلية لرقي الأمة العلمي والحضاري فهم الأجيال القادمة وبهم تزدهر الأمم[17] .

فهذا أحمد شوقي يدعو مربي الأمة ومصلحيها إلى الاهتمام بتعليم الأطفال والاعتناء بهم لعل جيلاً منهم يفعل العجب العجاب وينقذ الأمة من رقدتها يقول :

فرب صغير قوم علموه سما وحمى المسومة العرابا

وكان لقومه نفعا ًوفخراً ولو تركوه كان أذى وعابا

فعلم مااستطعت لعل جيلاً سيأتي يحدث العجب العجاب[18] .

3- إن تنشئة الإسلام للطفل والاهتمام بثقافته سبيل لبناء العادات الحسنة في نفسه ونبذ العادات السيئة وإبعادها.

4-الاهتمام بالطفل في مرحلة الطفولة وخاصة بنائه الفكري وتأسيسه العلمي يؤدي إلى استكمال العقل نضجه ,ويصل الذكاء إلى أقصاه فهي مرحلة البناء لما سواها [19] .

المبحث الثالث

الضوابط التي يلزم مراعاتها في عملية التثقيف

من أهم الضوابط التي يلزم مراعاتها أثناء عميلة التثقيف

ما يلي :

أولاً: الخضوع لظاهرة النمو ,ومراعاة الفروق الفردية بين الأطفال :

إن حياة الإنسان وحده واحدة غير أن نموه يسير وفق مراحل لها سماتها الخاصة , وصفاتها المتميزة ,تحكمها قواعد عامة

وسنن ثابتة , تأخذ صفة الاستمرار والتدرج في جميع النواحي إن هذه القواعد والسنن تفرض علينا ضرورة تنوع الأساليب وتعدد الوسائل أثناء تثقيف الطفل تمشيا ًمع طبيعة كل مرحلة وخصائصها المنفردة ,فمرحلة الحضانة لها ميزتها التي تخصها

وكذلك مرحلة التمييز ,ومن الضروري مسايرة النمو الطبيعي للطفل[20] .

ومن الضروري أيضاً أن نلحظ مابين الأطفال من فروق فردية في الذكاء والقدرات والمواهب والخبرات أثناء عملية البناء الثقافي[21] .

ويحذ ّر أيضاً بالعملية التثقيفية أن تراعي مابين الجنسين الذكر والأنثى من فروق طبيعية نائية عن اختلافهما الفطري في التكوين العضوي والنفسي والعقلي, والذي يترك تباينا ًفي الوظيفة ( فهذا علم الإحياء قد أثبتت بحوثه و تحقيقاتها أن المرأة تختلف عن الرجل في كل شيء من الصورة و السمت والأعضاء الخارجية إلى ذرات الجسم )[22]

هذا التباين الوظيفي بين الجنسين لابد أن يسبقه بناء ثقافي متكامل يتلاءم مع طبيعة خلق كل جنس وتركيبه النفسي والعقلي يبدأ من ولادة الطفل و إحساسه بالحياة[23].

ثانياً: تأثير عاملي الوراثة والبيئة في عملية البناء الثقافي :

أ‌) الوراثة:

وتعد الوراثة عاملاً مهما يؤثر في النمو من حيث صفاته ومظاهره ونوعه ومداه وزيادته ونقصانه ونضجه وقصوره ...وهكذا [24]

وفي السنة المطهرة نصوص كثيرة تشير إلى أهمية الوراثة وأثرها على الطفل منها ما روي عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال :

لقي أبو بكر الصديق _رضي الله عنه _رجلاً من العرب يقال له غفيرة ,فقال له أبو بكر : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الود ّ؟قال:سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول :"إن الودّ و العدواة يتوراثان"[25]أي سيرثها الأبناء عن الآباء.

فهذه النصوص تلفت نظر القائمين على التثقيف والتربية والتعليم إلى أثر الوراثة في بناء الطفل جسمياً وعقلياً وخلقياً ليكونوا على بينة منها وفق آثارها على مستقبل المجتمع الكامن في مستقبل أطفاله

كما تلفت نظرهم إلى العامل الثاني في التأثير على حياة الطفل

فالوراثة وحدها لا تستطيع أن تحل إلى الأثر المقصود فلابد من توافر ظروف وطاقات تكثف تظهر المورثات الكامنة في جوانب النفس الإنسانية وهو دور البيئة وما تحتويه عليه من قوى اجتماعية [26].

ب‌)البيئة :

هي كما حددها علماء النفس والاجتماع تمثل كل العوامل الخارجية التي يستجيب لها الفرد, وتؤثر فيه تأثيرا ًمباشراً أو غير مباشر وتشارك في تشكيل شخصيته عند تمام الإخصاب وتحدد العوامل الوراثية وهو جنين ,وبعد أن يكون طفلاً ثم شابا ًثم كهلاً إلى أن يموت وتشمل البيئة بهذا المعنى العوامل الجغرافية والاجتماعية والثقافية والحضارية [27].

ولعل من أوضح هذه العوامل تأثيراً العامل الثقافي الذي يسود المجتمع ,لما يتركه من أثر بالغ في حياة الفرد وبناء الشخصية من خلال أسرته ,والتعليم الذي يتلقاه في سنين الدراسة,وما يصاحبه مكن تهذيب وتربية ,والوعي الفكري الذي يشحذ عقله ,وينمي حواسه أثناء تأدية العبادة في المسجد أو بواسطة وسائل الإعلام المختلفة وما تعكسه من آثار فكرية وخلقية على عقلية الطفل وسلوكه ويصل تأثيرها إلى منزله .

فالمؤثرات البيئة وعلى الخصوص الفكرية منها لها أثر ملموس في توجيه الطفل وصياغة فكره على وجه الخصوص , والإنسان في مراحل نموه على وجه العموم [28]ومما يشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يحدث قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه[29] ,وكذلك قول الإمام الغزالي : (...رأيت صبيان النصارى لا يكون لهم نشوء إلا على التنصر ,وصبيان اليهود لا نشوء لهم إلا على التهود,وصبيان المسلمين لا شهود لهم إلا على الإسلام )[30]

ويمكن الإشارة إلى بعض الأمور التي يحسن بالقائمين على تثقيف الطفل الأخذ بها فيما يتعلق بالوراثة والبيئة :

1 – أهمية اختيار الزوجة الصالحة ذات السلالة النجيبة المعروفة بالذكاء والصلاح ,ونقاء السريرة ’فإن صلاح الآباء يدرك الأبناء .

2- العناية الشاملة بدراسة نفسية الطفل المراد والتعرف على استعدادته الوراثية إلى جانب الإطلاع على ظروف البيئة المحيطة لتتمكن من رسم أمثل الطرق أكثرها تلازما ًمع طبيعته وفطرته ,لأن من لوزام التثقيف الصحيح السير على منهج سليم ينهض بالصالح من صفاته الوراثية ,ويميت الفاسد منها أو يوجها الوجهة القويمة.

3- بذل قصار الجهد من تشجيع ما يكون بارزاً وقوياً من ميول الأطفال الوراثية التي تكشفها عوامل البيئة المحيطة .

4- مضاعفة الاهتمام بالطفل وتنمية استعدادته الوراثية وخاصة قبيل المراهقة في مرحلة التمييز حيث تظهر الصفات الوراثية العقلية والخلقية أوضح ما يكون .

5- أهمية الارتقاء بالبيئة الاجتماعية بعناصرها الثقافية و والاجتماعية والحضارية والجغرافية لتسير فرصة النمو الاستعداد الوراثي والمكتسب للأطفال إلى أقصى حد ممكن وبذلك نصل إلى تحسين النوع البشري[31] .

ومع إقرار أهمية الوراثة والبيئة باعتبارهما عاملين قويين في التأثير على حياة الطفل وتوجيهه فأنه ينبغي ألا يفوت علينا أن تأثيرهما وعدمه لايتحقق إلا وفق إرادة الله ومشيئته النافذة ,فكم من طفل انحدر من نسل كريم وتربى في بيئة صالحة فلم تجدياً في استقامته فأمر محكوم بهداية الله وتوفيقه .

ثالثاً:النظرة الثقافية المتكاملة لطبيعة الإنسان وعنايتها الشاملة بمكوناته الجسمية والعقلية والروحية :

إن نظرة الإسلام للإنسان نظرة متكاملة غير مجزئة لطبيعة تكوينه وغير مهملة لبعضها , بل عناية تامة دقيقة ,ومقبولة بهذه الأجزاء ,لأنها جميعا هي الإنسان ,والعناية بها جميعاً هي العناية بالإنسان فعناية الإسلام بالإنسان,عناية تنمي كل عناصر تكوينه ,وتعتني بغذائه,وغرائزه باعتباره جسما ترابياً,وتعتني كذلك بمتطلبات حواسه وعقله وروحه السامية

فلا يطغى جانب دون جانب ولا يعتني بجانب ويهمل آخر ,ومع تكامل النظرة الثقافية للإنسان في الإسلام يأتي شمول العناية بهذه الجوانب جميعا ًدون إفراط ولا تفريط ,فيحقق الإسلام رغبات جسد الإنسان وعقله وروحه في توزان دقيق بينهما وبالقدر المناسب[32] .

فالتثقيف في النظرة الإسلامية يستهدف بجميع جوانب الإنسان وإن كانت عنايته بالجوانب الفكرية منه اخص لكن دون إنكار للجوانب الأخرى ,و دون إهمال لها ,لأن اختصاص العناية بالجوانب الفكرية أكثر من غيرها هو المقصود من مسعى الثقافة ,والجانب الفكري هو المعني في

مجال التطبيق والتنفيذ[33].

رابعا ً:الذاتية في بناء ثقافة الطفل على قواعد الإسلام وهديه :الفكر الإسلامي نسيج وحده, لا يطابقه فكراً آخر ولا يضاهيه ’فقاعدة الفكر الإسلامي تمتاز بتفردها عن بقية القواعد فهي من تشريع العليم الخبير, وتنفرد كذلك باستقرارها وثبوتها, فهي لا تعرف التغيير أو التبديل لأن مصادرها ثابتة قطعية كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لكن هذا الثبات لا يقتضي الجمود والسكون بل ثبوت يقتضي الخلود والملائمة ويتحلى هذا في مرونة المصدر واتساعه لعطاء العقل المنضبط الذي لا يصادم نصاً بل يوافقه فإن العقل الصحيح لا يصادم النص الصريح [34].

ونظامه في الحياة . فالإسلام له ذاتيتة المستقلة في الجانب الفكري وفي بقية الجوانب وله أسلوبه الخاص في بناء هذا الجانب وغيره ,وهو وحده القادر على بناء الإنسان الواعي المدرك لدوره في هذه الحياة, والإنسان غير مستغن عن توجيهه ورعايته لحظة واحدة إذا أراد الاستواء والكرامة ,وهو لن يجد ذاته الضائعة إلا في المفاهيم الأصلية التي قدمها المنهج الرباني الواعي بطبيعة الإنسان وستظل المفاهيم البشرية عاجزة من أن تهديه وأن كانت تستطيع أن تخله[35] .

أردنا العودة الحقيقة إلى الإسلام والتحرر من الفكر الأجنبي فلابد أن تسعى جميع إذا تنشئة إسلامية وتكوينها تكوينا ًمتكاملاً جسيماً وعقلياً وروحياً وفق هدي الإسلام القطاعات ذات العلاقة بتربية الطفل وتكوينه ورعايته والأجيال الناشئة وتثقفيهم وفق مناهج الإسلام وهديه ,وأن في سبيل ذلك جميع الطاقات والإمكانات والقدرات المادية والبشرية لتتمكن من تنشئة الأجيال الجديدة .

المبحث الرابع

أساسيات ثقافة الطفل

· في الأسرة :

1- التزام الأسرة بالإسلام والتمسك بهديه ,فالبيت المسلم هو الذي يؤدي الدور الثقافي فيملأ قلب أطفاله بالقلب الصادق ,وعقولهم بالفكر الناضج [36].

2-العناية بتشخيص الطفل وتشجيع ميوله, وتنبيه استعدادته.

3- الارتقاء بالبيئة الأسرية والعناية بثقافتها[37] .

· في المدرسة :

من الأساسيات التي يجب أن تكون في المدرسة ليتمكن من بناء ثقافة الطفل بشكل سليم ما يلي :

1- المدرسة الصالحة التي تكون أهدافها وخطتها التعليمية تتوافق مع أهداف التعليم في الإسلام لتتمكن من تنشئة الأجيال وصياغتهم ثقافيا وفق رضا الله تعالى وهداه .

2- المعلمين التربويين الأكفاء,الذين يحملون رسالة التعليم الإسلامي فكرا ًوسلوكاً ويؤدونها عن رغبة ومحبة بحيث تتوفر فيهم صفات القدوة الحسنة ذات التأثير الفكري .

3- الطرق التربوية التي تقوم على أسس علمية تتلاءم مع طبيعة الطفل ونظرة الإسلام إليه كلا متكاملا ًبحيث تتمكن من تنمية طاقات الطفل والرقي بميوله والخبرة والنهوض بمواهبه الكامنة [38].

4- المناهج الموافقة مع محتوى الثقافة الإسلامية والمناسبة لمستوى الطفل [39].

· في المسجد :

المسجد في تاريخ الإسلام دار للعبادة وبرلمان الشورى ومؤسسة لتلقي العلوم وجامعة تعلم قواعد العقائد وفرائض العبادات ومكارم الأخلاق ومحاسن الآداب وطرق المعاملات .

وهو منطقة لعبادة الله تغشاها الرحمة وتنزل عليها السكينة وتحفها الملائكة[40] فالمسجد دعامة قوية في بناء المجتمع الإسلامي ,وقاعدة متينة في نشر الإسلام وتبليغ دعوته ,ومعقل حصين في حفظ الدين والذب عن شريعته ,ومنارة هداية لإيقاظ الغافلين وإرشاد التائهين ووسيلة مؤثرة في توعية المسلمين ,وتقويم اعوجاجهم ومعالجة مشكلاتهم ,وإلى جانب هذا فله دور مهم في تكوين الشخصية الإسلامية وتثقيفها يتجلى هذا في رسالته الثقافية التي يعمل من خلالها على بناء الشخصية المؤمنة المتكاملة,وتغذية روحها وفكرها بالإيمان ,وتقوية رابطتها بلله تعالى محبة ومراقبة وخشية ,وتربيتها على معنى الوحدة الإسلامية ,وإشعارها بحقيقة الأخوة الإسلامية ,وتهذيبها بخلق الإسلام ,وأدب القرآن ,وشمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم ومدها بصنوف من العلم والمعرفة فالمسجد مركز إشعاع عملي للثقافة في المجتمع الإسلامي يتمثل في صلاة الجمعة التي تجمع أهل البلد قاطبة في حال من التهيؤ والخشوع فيشهدون خطبتها التي يعالج فيها الخطيب غالباً واقع الأمة وأخطاء المجتمع أو يعرض فيها ما يمس حاجة الحاضرين من أحكام الإسلام وتعاليمه وينتفعون بصلاتها التي تجسد وحدة الأمة ومعاني الأخوة ويتمثل كذلك في حلق العلم والتلاوة وما تمنح حاضريها من معرفة وثقافة إلى غير ذلك من جوانب رسالة المسجد في التثقيف العام [41].

الخاتمة

وختاما ًأحمد الله تعالى على تيسيره إتمام هذا البحث’سائلة المولى أن يكون خالصاًلوجهه الكريم ’وفي ختام هذا البحث أورد أهم النتائج التي توصلت إليها :

1) أهمية اختيار الزوجة الصالحة أخلاقاًوديناً,لأنها ستكون أماً,والأم لها دور كبير في تنشئة الطفل .

2) التزام الأسرة بمبادئ الإسلام وأخلاقه كفيل بإن ينشيء جيلاًصالحا ًملتزم بالإسلام واعياً لوظائفه وأعماله .

3) الرعاية الثقافية للطفل والاهتمام به وتنمية استعداداته وتشجيع ميوله فهو الوسيلة لرقي الأمة العلمي والحضاري .

4) مراعاة الظوابط الازمة في عملية التثقيف .

5) الاهتمام ببناء الطفل عقدياً وأخلاقيا وفكريا ًوجسديا .

6) بناء العادات الحسنة ونبذ العادات السيئة.

7)بناء الطفل وتثقيفه في الصغر أساس لاستكمال عقله ونضجه في الكبر.

فهرس المصادر والمراجع

1- معجم مقاييس اللغة ,لابن فارس

2- القاموس المحيط ,للفيروز آبادي.

3- أساس البلاغة, للزمخشري .

4- لسان العرب ,لابن منظور .

5- المعجم الوسيط ,لمجمع اللغة العربية .

6- الأسر في عالم متغير لسناء الخولي ,القاهرة ,الهيئة المصرية العامة للكتاب ,1974م.

7- كيف نربي أطفالنا د.محمد عماد الدين اسماعيل .

8- منهج التربية النبوية للطفل المسلم لأحمد الحلبي .

9- رعاية الطفولة ,يوسف مخائيل .

10- علم نفس النمو,د.حامد زهران

11- تربية في الإسلام ,عبدالله علوان .

12- السلام العالمي والإسلام ,أ.سيد قطب.

13- مقدمة في التربية ,د.محمود السيد سلطان

14- التربية الإسلامية للطفل والمراهق ,محمد جمال محفوظ,دار الإعتصام

15- ثقافة الطفل المسلم مفمومها وأسس بناءها تأليف :أحمد بن عبد العزيز الحلبي ,إدارة الثقافة والنشر بالجامعة

16- صحيح الإمام البخاري

17- صحيح الإمام مسلم

المستدرك على الصحيحين ,للإمام الحاكم .


[1] معجم مقاييس اللغة لابن فارس 1/395 .

[2] انظر :القاموس ,للفيروز آبادي 3/125,وتاج العروس ’للزبيدي6/51

[3] سورة الأنفال :57 .

[4] أساس البلاغة للزمخشري /46.

[5] انظرالمرجع السابق .

[6] ثقافة الطفل المسلم لأحمد حلبي

[7] انظر القاموسالمحيط, للفيروز آبادي4/7

[8]لسان العرب لابن منظور4/2681

[9] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد حلبي /56

[10] المعجم الوسيط/17

[11] الأسرة وفي عالم متغير,لسناء الخولي /175

[12] انظر كيف نربي أطفالنا,د.محمد عماد الدين اسماعيل /17

[13] سورة النحل :78

[14] انظر كيف نربي أطفالنا,د.محمدعماد الدين اسماعيل /17

[15] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد حلبي /97-98

[16] انظر :ثقافة الفل المسلم ,لأحمد حلبي /267

[17] انظر:أسس الحضارة الإسلامية ,عبد الرحمن الميداني/231

[18] منهج التربية النبوية للطفل,لمحمد نور سويد/222

[19] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد حلبي /279

[20] انظر ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد حلبي /103

[21] انظر:رعاية الطفولة ,يوسف ميخائيل /59.

[22] الحجاب ,اأبي الأعلى المودودي/185.

[23] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد حلبي /104.

[24] انظر :علم نفس النمو ,د.حامد زهران /35.

[25] رواه البخاري في أدبه والحاكم في مستدركه ,البخاري من طرق أخرى في الأدب المفرد1/118وفي سنده مجهول , الحاكم4

/176كتاب البر والصلة,وقال الذهبي في التلخيص :في سند المليكي /51,وفي الخبر انقطاع ,وركز السيوطي له بالصحة .انظر فيض القدير ,للمناوي 6/373رقم 9668.

[26] انظر: ثقافة الطفل المسلم, لأحمد حلبي/110.

[27] انظر:كتاب علم نفس النمو ,د.حامد زهران /38.

[28] ثقافة الفل المسلم ,لأحمد الحلبي/111-112.

[29] متفق عليه :البخاري 1/456رقم 1292-1293,كتاب الجنائز ,باب :إذا أسلم الصبي فمات ,ومسلم 4/2047رقم 2658,كتاب القدر ,باب :كل مولود يولد على الفطرة .

[30]المنقذ من الضلال ,للإمام أبي حامد الغزالي /89.

[31] انظر :عوامل التربية ,د.علي وافي /75.

[32] نظر :منهج التربية النبوية للطفل ,أحمد نور سويد 1/19.

[33] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد الحلبي /125.

[34] المرجع السابق /273 .

[35] انظر:مفاهيم العلوم الاجتماعي ,أنور الجندي/273.

[36]انظر:السلام العالمي والإسلام ,سيد قطب /67.

[37] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد الحلبي /145.

[38] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد الحلبي /166

[39] مقدمة في التربية ,د.محمود السد سلطان/102

[40] التربية الإسلامية للطفل والمراهق ,محمد جمال الدين علي محفوظ /198

[41] ثقافة الطفل المسلم ,لأحمد الحلبي /147.